** الفصاحـــة المحمـــدية **


فصاحة اللسان وبلاغة القول لقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم من ذلك بالمحل الأفضل والموضع الذى لايجهد سلامة طبع وبراعة منزع وإيجاز مقطع ونصاعة لفظ وجزالة قول وصحة معان وقلة تكلف .أوتى جوامع الكلام وخص ببدائع الحكم وعلم ألسنة العرب يخاطب كل أمة منها بلسانها ويحاورها بلغتها ويباريها فى منزع بلاغتها حتى كان من أصحابه يسألونه فى غير موطن عن شرح كلامه وتفسير قوله.


ومما اختص به وتفوق فيه فلا يدانيه فيه غيره ولايساميه فيه سواه إنه صلي الله عليه وسلم يتكلم مع كل قوم بلهجتهم وفصاحة لسانهم وبلاغة كلامهم فكلامه مع قريش والأنصار وأهل الحجاز ونجد ليس هو ككلامه مع ذى المشعار الهمدانى وطفهة النهدى وقطن بن حارثة العليمي والأشعت بن قيس ووائل بن حجر الكندي وغيرهم
من أقيال حضرموت وملوك اليمن .


وهذه نماذج من كلامه صلي الله عليه وسلم مع الأقوام المتباينين اللهجات وإن شملتهم الجزيرة العربية داراً واللسان العربي منطقا فنراه يخاطب كل قوم بلهجتهم وفصاحتهم فى كلامهم ويتفوق عليهم .


** لما وفد عليه صلي الله عليه وسلم ذو المشعار الهمدانى كتب إلى همدان وبعثه مع ذي المشعار:
وهذه أجمل منه :
"إن لكم فراعها ووهاظها وعزازها تأكلون بملافها وترعون عفاءها لنا من دفئهم وصرامهم ماسلموا بالميثاق والأمانة ولهم من الصدقة الثلب والناب والفصيل والفارض والداجن والكبش الحورى وعليهم فيها الصالغ والقارح"
فهذا الكلام بلهجة همدان إذا سمعه الحجازى أو النجدى وحتى القرشي يحتاج فى أكثره إلى شرح وتفسير .


** وفد عليه طفهة النهدى وشكا إليه ماأصاب قومه من القحط وطلب منه أن يدعو لنهد القبيلة فقال:" اللهم بارك لهم فى محضها ومخضها ومذقها وابعث راعيها فى الدسر وافجر لها الثمد وبارك له فى المال والولد. من أقام الصلاة كان مسلماًومن آتي الزكاة كان محسناً ومن شهد أن لا إله إلا الله كان مخلصاً لكم يابنى نهد ودائع الشرك ووضائع الملك لاتلطط فى الزكاة ولا تلحد فى الحياة ولا تثاقل فى الصلاة ".

** وكتب لبنى نهد فى الوظيفة والفريضة فقال:" ولكم الفارض والفريش وذو العنان والركوب والفلق الضبين لايمنع سرحكم ولايعضد طلحكم ولا يحبس دركم مالم تضمروا الرماق وتأكلوا الرباق من أقر فله الوفاء بالعهد والذمة ومن أبي فعليه الربوة ".


** وكتب إلى وائل بن حجر فقال:"إلى الأقيال العباهلة والأرواع المشايب ".
وجاء فيه:"فى التبعة شاة لامقودة الألباط ولا ضناك وأنطوا الثيحة وفى السيوب الخمس ومن زنى مم بكر فاصعقوه مائة واستوفضوه عاماًومن زنى مم ثيب فضرجوه بالأضاميم ولا توصيم فى الدين ولا غمة فى فرائض الله وكل مسكر حرام ووائل بن حجر يترقل على الأقيال".


** وقوله صلي الله عليه وسلم "فإن اليد العليا هى المنطية واليد السفلي هى المنطاة " فى حديثه مع عطية السعدى فقال كلمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بلغتنا.


** وقوله فى حديث العامرى حين سأله فقال له صلي الله عليه وسلم"سل عنك " أى سل عما شئت وهى لغة بني عامر .


من كل ماتقدم من نماذج كلامه صلي الله عليه وسلم يتبين أنه كان يخاطب كل قوم بلهجتهم ويتفوق عليهم فى الفصاحة والبيان وهو صلي الله عليه وسلم مأمور بذلك ليبين للناس مانزل إليهم وإذا خاطب الانصار والمهاجرين من قريش واهل نجد والحجاز بكلامه المعتاد حلق فى سماء البلاغة والبيان ونثر الدر من كلامه الجامع للحكم المشتمل على فنون الهداية وضروب البيان وهذه نماذج منه ::


** قوله صلي الله عليه وسلم"المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد واحدة على من سواهم "


** أقواله صلي الله عليه وسلم "المرء مع من احب ولا خير فى صحبة من لايري لك ماتري له" "الناس معادن " " " "المستشار مؤتمن " "ورحم الله عبداً قال خيراً فغنم أو سكت فسلم" "أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين"
"إن أحبكم إلى وأقربكم منى مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون"
"اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن "
ونهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال .


** ماقاله من الكلم الذي لم يسبق إليه ولا قاله أحد قبله كقوله:" حمى الوطيس " "ومات حتف أنفه " "لايلدغ المؤمن من جحر مرتين " "السعيد من وعظ بغيره "


** وقيل له صلي الله عليه وسلم يوماًمارأينا الذي هو أفصح منك فقال:" ومايمنعنى ؟ وإنما أنزل القرآن بلسانى بلسان عربي مبين " .وكيف لا يكون كذلك وهو من قريش ونشأ فى بادية بني سعد وأنزل عليه القرآن وأوتى جوامع الكلم فصلي الله عليه وسلم .


وخلاصة القول أن فصاحة الرسول صلي الله عليه وسلم لاعجب فيها ولا غرابة مادام مضرياً قرشيا هاشميا خصه ربه بالعناية فى التأديب والتربية وهيأه للوحى وحمله البلاغ والبيان فصلي الله عليه وسلم مانطق ناطق وأبان من كل مخلوق من إنس وجان .

الموضوعالأصلي : ** الفصاحة المحمديــــة ** المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب:عبد الكريم