الربـــــــا
/
أن قوما فى هذا الزمان ليقولوا : أن المحرم هو الأضعاف المضاعفة .. أما الأربعة فى المائة , والخمسة فى المائة , وألسبعة فى المائة , والتسعة فى المائة .. فليست أضعافا مضاعفة , وليست داخلة فى نطاق التحريم !!
نقول لهم : النص صريح فى سورة البقرة , قاطع فى حرمة أصل الربا بلا تحديد ولا تقييد ( وذروا مابقى من الربا ) .. أيا كان فهذا يدل على النهى عن النظام الربوى أيا كان سعر الفائدة , وهذا النظام يفسد الحياة النفسية والخلقية .. كما أنه من شأنه أن يفسد الحياة الأقتصادية والسياسية .
أنه لا يأكل الربا أنسان يتقى الله ويخاف النار .
أنه لا يأكل الربا أنسان يؤمن بالله , والأيمان ليس كلمة تقال باللسان , أنما هو أتباع منهج الله , ومحال أن يجتمع أيمان ونظام ربوى فى مكان , وحيثما قام النظام الربوى فهناك الخروج من هذا الدين جملة .
أن الصدقة / عطاء وسماحة وطهارة وتعاون وتكافل , ونزول عن المال بلا عرض ولا رد .
أن الربا / شح وقذارة ودنس , وأسترداد للدين ومعه زيادة حرام مقتطعة من جهد المدين أو من لحمه .. من جهده ان كان لم يربح أو خسر , أو كان قد أخذ المال للنفقه منه على نفسه وأهله , ولم يستربحه شيئا .. فعملية الربا كلها قبح وشناعة وشر فى المجتمع , وفساد فى الأرض , وهلآك للعباد , والربا فى مجتمعنا الحديث ينعكس على الأخلاق والدين والصحة والأقتصاد .
فهل ننتظر أن يصب علينا الله تعالى النقمة والعذاب أفراد أو جماعات .. أمم أو شعوب .
ان دستور الصدقة كان يعرض قاعدة من قواعد النظام الأجتماعى الأقتصادى الذى يريده الله تعالى للمجتمع المسلم أن يقوم عليه .
ـــ والنظامان : النظام الأسلامى والنظام الربوى لا يلتقيان ولا يتفقان ولا يتوافقان فى نتيجة , فكل منهما يناقض الآخر تمام المناقضة .
ـــ أن الربا يقوم على أساس خاطىء فاسد , ذلك لأن الغاية تحصيل المال بأى وسيلة , ويداس فى الطريق على كل مبدأ أو كل صالح للآخرين ــ لمصلحة حفنة من المرابين ــ ويحدث الخلل فى دورة المال , ونمو الأقتصاد ..
وهو الآن فى عصرنا الحالى فى أيدى أحط خلق الله وأشدهم شرا ـ شرذمة لا تراعى فى البشرية ألا ولا ذمة , ولا يراقبون عهدا ولا حرمة ـ وهؤلاء الذين يداينون الناس أفرادا ـ كما يداينون الحكومات والشعوب , وفى داخل بلادهم وخارجها , ثم تعود اليهم الحصيلة من كد الآدميين وجهد البشرية , وعرقهم ودمائهم فى صورة فوائد ربوية لم يبذلوا فيها جهدا , وهم يملكون ليس المال فقط وأنما ايضا النفوذ , وليس لهم لا مبادىء ولا أخلاق ولا دين , فلا تحدثهم عن دين أو خلق أو مثل أو مبادىء ..
يتحكمون فى جريان الأقتصاد العالمى وفق مصالحهم فقط , مهما أدى ذلك الى الأزمات المعروفة فى عالم الأقتصاد أو أنحراف الأنتاج الصناعى .. المهم أن تكون فى أيديهم خيوط الثروة العالمية !
أنهم يملكون وسائل التوجيه والأعلام , سواء فى الصحف والكتب والجامعات والأساتذة ومحطات الأرسال والسينما والفضائيات ..
وقد بلغ من سوء النظام الربوى أن تنبه لعيوبه بعض أساتذة الأقتصاد الغربيين أنفسهم مثل ( دكتور شاخت ) الألمانى ومدير بنك الرايخ الألمانى سابقا ... قال فى محاضرة له فى دمشق 1953 م : أنه بعملية رياضية ( غير متناهية ) يتضح أن جميع المال فى الأرض صائر الى عدد قليل جدا من المرابين .. ذلك أن الدائن المرابى يربح دائما فى كل عملية , بينما الدين معرض للربح والخسارة , ومن ثم فأن المال كله فى النهاية لابد ـ بالحساب الرياضى ـ أن يصير الى الذى يربح دائما ..
وأن هذه النظرية فى طريقها للتحقق كاملا .. فأن معظم مال الأرض الآن يملكه ـ ملكا حقيقيا ـ بضعة ألوف ! أما جميع الملاك وأصحاب المصانع الذين يستدينون من البنوك , والعمال , وغيرهم , فهم ليس سوى أجراء يعملون لحساب أصحاب المال , ويجنى ثمرة كدهم اولئك الألوف ! أنتهى
وأن جميع المستهلكين يؤدون ضريبة غير مباشرة للمرابين ... فان أصحاب الصناعات والتجار لا يد فعون فائدة الأموال التى يقترضونها بالربا ألا من جيوب المستهلكين ـ فهم يزيدونها فى أثمان السلع الأستهلاكية ـ فيتوزع عبؤها على أهل الأرض لتدخل فى جيوب المرابين فى النهاية .
# عن أبى سعيد الخدرى قال : ( قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : الذهب بالذهب , والفضة بالفضة , والبر بالبر , والشعير بالشعير , والتمر بالتمر , والملح بالملح .. مثلا بمثل .. يدا بيد .. فمن زاد أو أستزاد فقد أربى الآخذ والمعطى فيه سواء ) رواه الشيخان
# عن أبى سعيد الخدرى أيضا قال : جاء بلال الى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتمر برنى , فقال النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من أين هذا ؟ ) قال : كان عندنا تمر ردىء فبعت منه صاعين بصاع , فقال النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( أواه ! عين الربا عين الربا . لا تفعل ولكن أذا أردت تشترى فبع التمر ببيع آخر , ثم أشترى به ) متفق عليه .
ـــ الربا نوعان /
# ربا النسيئة : قال عنه قتادة : أن ربا أهل الجاهلية يبيع الرجل البيع الى أجل مسمى , فأذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه .
وقال مجاهد : كانوا فى الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول : لك كذا وكذا وتؤخر عنى . فيؤخر عنه .
وقال أبو بكر الجصاص : أنه معلوم أن ربا الجاهلية أنما كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة , فكانت الزيادة بدلا من الأجل .. فأبطله الله تعالى .
وقد ورد فى حديث اسامه أبن زيد أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( لا ربا الا فى النسيئة ) رواه الشيخان
# ربا الفضل : فهو يبيع الرجل الشىء بالشىء من نوعه مع زياده ـ كبيع الذهب بالذهب , والدراهم بالدراهم , والقمح بالقمح وهكذا , وقد ألحق هذا النوع بالربا لما فيه من شبه به
ــ عن جابر أبن عبد الله أنه قال : لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه , وقال ( هم سواء ) رواه مسلم وأحمد وأبوداود والترمذى
فالعقاب ليس على المرابى ولكن على المجتمع الربوى كله , فأهله ملعونون , معرضون لحرب الله , مطرودون من رحمته .
| |
الموضوعالأصلي : الربـــــــا / المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب: