** المزاح المحمّــــدي **

السؤال: هل كان رسول الله صلي الله عليه وسلم على جلال قدره وسمو مكانته وانشغال باله بمهام الرسالة وأعباء القيادة وهداية الناس يمزح ؟ والجواب نعم

كان يمزح ويداعب ويهزل بقله لاستيعاب الجد وقته كله إلا أنه كان فى مزاحه ومداعبته وهزله لايخرج أبداً عن دائرة الحق وبحال من الأحوال وهو فى مزاحه ومداعبته يقدم معروفاً لأصحابه بما يدخل عليهم من الغبطة والسرور وعلى أطفالهم إذا داعبهم من الفرح والسرور والحبور.
وباستعراضنا للمواقف النبوية الآتية تتجلي لنا الحقيقة وهى أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلا حقاً وفى الإمكان الائتساء به فى ذلك لأنه من المقدور المستطاع وليس من خصائصه صلي الله عليه وسلم بل هو أدب عام يأخذ
به كل مؤمن قدر عليه .

* حدث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال: إن رجلاً أتى النبي صلي الله عليه وسلم فاستحمله أى طلب منه أن يحمله على بعير ونحوه فقال له صلي الله عليه وسلم :"إنا حاملوك على ولد الناقة " فقال الرجل :يارسول الله ماأصنع بولد الناقة ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :"هل تولد الإبل إلا النوق؟"
فكان قوله هذا مداعبة للرجل ومزحاً معه وهو حق لاباطل فيه.

* وحدث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: استأذن أبو بكر النبي صلي الله عليه وسلم فسمع صوت عائشة عالياً على رسول الله فلما دخل تناولها ليلطمها
وقال: ألا أراك ترفعين صوتك على رسول الله صلي الله عليه وسلم فجعل النبي صلي الله عليه وسلم يحجزه. وخرج أبو بكر مغضباً فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم حين خرج أبو بكر:"كيف رأيتنى أنقذتك من الرجل ؟"
فمكث أبو بكر أياماً ثم أستأذن على رسول الله صلي الله عليه وسلم فوجدهما قد
اصطلحا فقال لهما: أدخلانى فى سلمكما كما أدخلتمانى فى حربكما فقال رسول
الله صلي الله عليه وسلم :" قد فعلنا , قد فعلنا "
ففى هذا الحديث من حسن العشرة وطيب المداعبة مالا يخفى على متأمل.

* وحدث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال له:"ياذا الأذنين " وهى مداعبة ظاهرة وهى حق واضح إذ كل إنسان ذو أذنتين اثنتين

* وحدث أنس بن مالك فقال كان رجل من أهل البادية يقال له زاهر وكان يهدى للنبي صلي الله عليه وسلم الهدية من البادية إذا أراد أن يخرج فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه يوماً:"إن زاهراً باديتنا ونحن حاضره " وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يحبه وكان هو رجلاً دميماً فأتاه النبي صلي الله عليه سلم وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه ولايبصره الرجل فقال :أرسلنى من هذا ؟ فالتفت فعرف النبي صلي الله عليه وسلم فجعل لايألو ماألصق ظهره بصدر النبي صلي الله عليه وسلم وجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:" من يشترى هذا العبد " فقال لرسول الله إذن والله تجدنى كاسداً فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لكن عند الله لست بكاسد أنت عند الله غال" فالمزاح فى هذا الحديث ظاهر بصورة واضحة ومعه من كمال الخلق وحسن الصحبة وطيب المخالطة مالا مزيد عليه .

* وروي البخارى رحمه الله أن رجلاً كان يقال له عبد الله ويلقب بحمارة وكان مضحك النبي صلي الله عليه وسلم وكان يؤتى به فى الشراب أى السكر ليقام عليه الحد فجئ به يوماً فقال رجل: لعنه الله ماأكثر مايؤتى به !! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :"لاتلعنه فإنه يحب الله ورسوله ". فقوله وكان يضحك النبي صلي الله عليه وسلم دليل على إنه كان يمازحه حتى يضحك والمزاح يكون بين اثنين فكل واحد يمازح الثانى .

* وحدث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال: كان للنبي صلي الله عليه وسلم حاد يحدو بنسائه يقال له أنجشة فحدا فأعتقت الإبل فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" ويحك ياأنجشة أرفق بالقوارير " أى النساء. فإطلاق القوارير على النساء مداعبة ظاهرة ووصفهن بالقوارير لضعفهن فلو سقطت إحداهن من هودجها لتكسرت ولو كن غير أمهات المؤمنين لصح أن يقال إن الحداء وهو صوت الحادى الرقيق قد يوجد فى نفس المرأة أثراً غير صالح .

* وحدث مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت :حدث رسول الله صلي الله عليه وسلم نساءه ذات ليلة حديثاً فقالت امرأة منهن : يارسول الله كان الحديث حديث خرافة فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم :" أتدرين ماخرافة؟ إن خرافة كان رجلاً من بنى عذرة أسرته الجن فى الجاهلية فمكث فيهم دهراً طويلاً ثم ردوه إلى الإنس فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب فقال الناس حديث خرافة" والمداعبة فى هذا الحديث ظاهرة فى الرد على القائلة حديث خرافة فبدل أن يؤنبها لاطفها وداعبها وقص عليها قصة خرافة العذري .

* حدث الحسن البصري رحمه الله تعالى فقال أتت امرأة النبي صلي الله عليه وسلم فقالت يارسول الله ادع الله لى أن يدخلنى الله الجنة قال:" ياأم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز" فولت العجوز تبكى فقال :" أخبروها أنها لاتدخلها وهى عجوز فإن الله تعالى يقول:{ إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكاراً عرباً أتراباً }.

* وحدث أن امرأة جاءت تسأل عن زوجها فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم :" زوجك الذى فى عينيه بياض " فبكت وظنت أن زوجها عمى فأعلمت أن العين لا تخلو من بياض فكانت مداعبة كمداعبته للعجوز ومصداقاً لما قدمناه من أنه صلي الله عليه وسلم لايقول فى مزاحه إلا حقاً فقد قال أبو هريرة رضي الله عنه قالوا يارسول الله إنك تداعبنا
فقال :" إنى لا أقول إلا حقــــاً "
صدق رسولــنا الحبيب صلي الله عليه وسلم

الموضوعالأصلي : ** المزاح المحمّــــــدى ** المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب:عبد الكريم