حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم
د. عبد الحي يوسف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد..
فإنِّ حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا عظيمة، حيث يتعيّن علينا توقيره، وتعظيشمه، وإكرامه، وطاعته، ومحبته، وتطبيق شريعته، واتِّباع سُنَّته، والإكثار من الصلاة والسلام عليه، وذلك كلُّه بعد الإيمان بأنه رسول رب العالمين، وخاتم النبيين، وأفضل المرسلين، من صدّقه فقد أفلح وأنجح، ومن كذّبه فقد خاب وخسر، وأنه لا يؤمن حتى يكون محمد صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين.
إن المحبَّ للنبي صلى الله عليه وسلم حقاً هو ذاك الذي يغضب لنبيه عليه الصلاة والسلام أعظم من غضبه لنفسه وعرضه، وهذا الصنف في زماننا هم الأقلّون، وما أكثرَ المدّعين للمحبة الذين يُدنْدِنون حول معانيها بالليل والنهار، لكنهم عند الاختبار فاشلون! يُسَبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسمعون!! تُنتقص شريعته، ويُسخر من سنته، ويبدل دينه وهم ينظرون! يلِغُ بعض كلاب البشر في أعراض الصحابة الكرام، وينسبون إليهم ما لا يليق بهم، ويعبثون بمقاماتهم بسُخف من الكلام، ويقولون في حقهم منكراً من القول وزوراً وهؤلاء لا يتحركون! وبعد هذا كلِّه هم للمحبة مدّعون وعلى ليالي المولد حريصون! وما درى المساكين أن الدعوى يعوزها الدليل كما قيل:
والدعاوى إن لم يُقيموا عليها =بيِّناتٍ أبناؤها أدعياءُ
والدعاوى إن لم يُقيموا عليها بيِّناتٍ أبناؤها iiأدعياءُ
ودونك ـ أيها الحبيب!ـ أخبار السلف الصالحين، الذين كانوا حقاً لنبيِّهم محبِّين، ولذاته معظمين: ما الذي حمل الصِّدِّيق على أن يواجه قريشاً في جوف الكعبة وهم بالنبي صلى الله عليه وسلم مُحْدِقون؟ بل ما الذي دفع غلاميْن من الأنصار على أن يتجشّما عناء يوم بدر طلباً لقتل أبي جهل؟ وانظر إلى كلمات واضحات بيِّنات خطَّها أهل العلم، وفاه بها أهل الإيمان، وقارن ذلك بأحوال مدّعي المحبة. قال مالك رحمه الله: "من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شتمه أو عابه أو تنقّصه قُتِل، مسلماً كان أو كافراً ولا يُستتاب"، وقال رحمه الله: "من قال: إن رداء النبي صلى الله عليه وسلم وسِخٌ، أراد به عيبه قُتِل". وأفتى أبو الحسن القابسي فيمن قال في النبي صلى الله عليه وسلم: "الجمّال يتيم أبي طالب"، بالقتل. وأفتى أبو محمد بن أبي زيد بقتل رجل سمع قوماً يتذاكرون صفة النبي صلى الله عليه وسلم إذ مرّ بهم رجل قبيح الوجه واللحية فقال لهم: "تريدون تعرفون صفته؟ هي في صفة هذا المار في خلقه ولحيته"؛ قال أبو محمد: "وقد كذب لعنه الله، وليس يخرج من قلب سليم الإيمان". قال القاضي عياض رحمه الله: "وكذلك حكم من غَمَصَه أو عيّره برعاية الغنم، أو السهو، أو النسيان، أو السحر، أو ما أصابه من جرح أو هزيمة لبعض جيوشه، أو أذى من عدوه، أو شدة من زمنه، أو بالميل إلى نسائه، فحكم هذا كله ـ لمن قصد به نقصه ـ القتل".أ.هـ
فماذا يقول علماؤنا لو حضروا زماننا وسمعوا من يرفع عقيرته بأن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم لا تصلح لزماننا؟ أو من يرُدُّ الأحاديث الصحاح برأيه ويعارضها بهواه؟ وماذا هم فاعلون بأقوام لا تتمعّر وجوههم إذا طُعِن في الدين واستُهزئ بشريعة خير المرسلين؟
اللهم اجعل حبَّ نبيك صلى الله عليه وسلم أحبَّ إلينا من الماء البارد على الظمأ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
دعاء لحفظ القرآن العظيم:
اللهم ارحمني بترك المعاصي أبداً ما أبقيتني وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك إن تنور بكتابك بصري وأن تطلق به لساني وأن تفرح به قلبي وأن تشرح به صدري وأن تستعمل به بدني فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتينيه إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
| |
الموضوعالأصلي : حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب: