بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مبارك فيه


اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


نوضح اليوم أمرًا هامًا لضبط معتقدنا


وهو أن هناك فرق بين معرفة التوحيد أو أي حكم

شرعي ، والتصديق المقرون بالطاعة والانقياد


ولتوضيح هذا الأمر نسوق هذا الأنموذج


أنمـوذج للمعرفــة التـي لا تعتبــر تصديقًــا
=============================


[size=21]عـن محمــود بـن لبيـد أخـي بنــي عبـد الأشـهل

عـن سـلمة بـن سـلامة بـن وقـش ـ وكـان مـن أصحـاب

بـدر ـ وقـال :

كـان لنـا جـار مـن يهـود فـي بنـي عبـد الأشـهل .

قـال :

فخـرج علينـا يومـًا مـن بيتـه قبـل مبعـث النبـي ـ صلى الله عليه

وعلى آله وسلم ـ بيسـير ، فوقـف علـى مجلـس عبـد الأشـهل .

قـال سـلمة :

وأنـا يومئـذ أحـدث مـن فيـه سِـنًا ،

علـى بـردة مضطجعـًا فيهـا بفنـاء أهلـي ، فذكـر البعـث

والقيامـة والحسـاب والميـزان والجنـة والنـار ،

فقـال ذلـك لقـومٍ أهـل شـركٍ أصحـاب أوثـانٍ لا يـرون أن

بعثـًا كائـنٌ بعـد المـوت .

فقالـوا لـه :


ويحـك يا فـلان ، تـرى هـذا كائنـًا ، أن النـاس يُبعثـون بعـد

موتهـم إلـى دارٍ فيهـا جنـة ونـار يجـزون فيهـا بأعمالهـم ؟

قـال : نعـم ،

والـذي يُحلَـفُ بـه لَـوَدَّ (1) أن لـه بحظـه (2) مـن تلـك النـار أعظـمَ

تنـورٍ فـي الدنيـا يحمُّونَـهُ ، ثـم يدخلونـه إيـاه فيُطْبَـقُ بـه

عليـه وأن ينجـو مـن تلـك النـار غـدًا .

قالـوا لـه :

ويحـك ، ومـا آيـة ذلـك ؟

قـال :

نبـي يبعـث مـن نحـو هـذه البـلادِ ، وأشـار بيـده نحـو مكـة واليمـن .


قالـوا : ومتـى تـراه ؟


قـال :

فنظـر إلـيَّ وأنـا مـن أحدثهـم سِـنًّا ،

فقـال :

إن يسـتنفذ هـذا الغـلام عمـره يدركـه .


قـال سـلمة : فوالله مـا ذهـب الليـل والنهـار حتـى بعـث الله

تعالـى رسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـو

حـي (3) بيـن أظهرنـا فآمنـا بـه ، وكفـر بغيـًا وحسـدًا .

فقلنـا : ويلـك يـا فـلان ألسـت بالـذي قلـت لنـا فيـه مـا قلـت ؟ ! .

قـال : بلـى وليـس بـه .


رواه أحمد . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / مجلد رقم : 5 / ص : 407 .


( 1 ) يَـوَدّ : أي : يَـوَدُّ الـذي رأى هـذه النـار .

( 2 ) بحظـه : أي : بنصيبـه .

( 3 ) وهـو : أي : اليهـودي .


فهذا اليهودي عرف الحق وقدم القرينة على ثبوته

ولكنه لم يصدق بهذا الحق ويقرنه بالعمل

فهاهو عند تحقق كلامه كان أول الفارين من الحق