معالم في طريق الاتباع:

إن الاعتماد على الكتاب والسنة في هذا له معالم أساسية:

أولاً
الإيمان لا يتحقق إلا بذلك.

ثانيًا
العقول البشرية لا يمكن أن تستقل بتحصيل المعارف.

ثالثًا
ينبغي أن يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- معصوم تمام العصمة فيما يبلغه عن ربه -سبحانه وتعالى.

رابعًا
ينبغي أن نعلم أنه لا تعارض بين نصوص الكتاب والسنة.

خامسًا
الصحابة -رضي الله عنهم- وهم المبلغون لهدي الرسول، وأصحاب الرسول هم أحرص الناس على فهم الكتاب والسنة وتطبيقها، ولقد تميز هؤلاء الصحابة بعدة ميزات منها: حرصهم الشديد على الفهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فكانوا يسألون الرسول عن المسائل، وما يشكل عليهم وكانوا يراجعون السنة.

سادسًا
الإجماع ما أجمع عليه المسلمون في عصر من العصور لا يجوز لأحد مخالفته كائنًا من كان، وما أجمع عليه العلماء مبني على الدليل.

سابعًا
كثير من الناس يفهم أن مذهب السلف الرجوع إلى الكتاب والسنة دون العقول، وهذا خطأ؛ فإن السلف يعتمدون على الكتاب والسنة، ولكن هذا لا يعني أن العقل لا دخل له في هذا الباب، بل كان السلف يجعلون للعقل دوره: فهم لا يرفعونه فوق منزلته، ولا يلغونه إلغاءً تامًّا، ولكن يضعونه في منزلته الصحيحة، فيقولون: إذا تعارض العقل والنقل ظاهرًا نقدم النقل على العقل.

ثامنًا
فكل العباد مفطورون على الإيمان الصحيح، كما قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ). [رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك وأحمد]. فالله فطر عباده على فهم الأمور بأبسط الدلائل؛ لأن الفطرة تدل على أن هذا الكون له خالق، والفطرة تدل على توحيد الألوهية.

تاسعًا
منهج أهل السنة والجماعة هو الاستدلال الشرعي على الأحكام الشرعية على وفق مسلك السلف الصالح، وهو: وجوب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، فالتحاكم إلى الشريعة ليس من الأمور الفرعية، قال تعالى: ﴿وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[المائدة: 44].



استنباط الأحكام الشرعية مهمة العلماء المجتهدين وليس أمرًا متروكًا لجميع الناس، فلا يدخل في ذلك العلماء المجتهدون والجهلة مما ليس عنده علم في كتاب الله وسنة رسوله.

صفات هؤلاء العلماء:

ومن يكون من العلماء لا بد أن يتصف بـ: الإسلام، والتكليف، والعدالة، والاجتهاد، وتمييز الناسخ والمنسوخ، والعلم بلسان العرب، والعلم بأصول الفقه حتى يكون المفتي بانيًا فتواه على منهج مقرر، وليست دعاوى عقلية، وأن يكون متضلعًا من العلم الشرعي، وعلى معرفة بأخلاق الناس وانحرافاتهم، حليمًا، متأنيًا، غير متسرع في إصدار الأحكام.

أنواع الإفتاء:

ويجب أن يعلم أن الإفتاء أنواع:

أولاً:
إفتاء مجرد من الاجتهاد.

ثانيًا:
إفتاء معه اجتهاد، وهو على نوعين:
أحدهما: علم أصول الفقه لتحقيق المناط.
الثاني: اجتهاد المجتهد في حكم شرعي غير معلوم الواقعة.

فالعلماء اشترطوا للمفتي شرطين أساسيين
معرفة الأحكام الشرعية
ومعرفة الواقعة وصورتها معرفة تامة
ثم يأتي التطبيق العملي بتنزيل الحكم على تلك الواقعة.

وفي الختام: اسأل الله أن يبصرنا في ديننا، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يجنبنا الخطأ أو الزلل
.