يقال "كل كمال ممكن فُرِض فالواجب أولى به"

قوله "كل كمال ممكن" يعني كل صفة كمال أمكن وجودها أو يفترض العقل وجودهـا،
قال "فالواجب أولى به" يعني أولى بأن يتصف بهذا الكمال ويثبت له.

لكن قد يقال: ليس معنى أنها ممكنة أنها تحدث، وطالما لم تحدث فلا ضرورة لإثباتها للواجب !
نقول: إثباتها للواجب فرع على "إمكانها" لا على "حدوثها"
فمجرد "إمكانها" هو دليل اتصاف الواجب بها، لأن معنى فرضنا إمكانها هو أنها قد تحدث (لا معنى للإمكان غير هذا)، فلو حدثت فمن محدثها؟!
لا يقال "وقد لا تحدث!" فإن فرضتم "عدم حدوثها" بهذا المعنى فقد فرضتم "عدم إمكانها"، وقد فرضناها ممكنة، فتكون "ممكنة لا تحدث" !! هذا خلف.
قالوا: سلمنا أنها ممكنة، لكن هب أنها لم توجد أبدًا فما الداعي لإثباتها للواجب؟
قلنا: نكرر أننا قلنا قبل ذلك أن إثباتها للواجب فرع على مجرد "إمكانها" لا "حدوثها" أو على تحقق وجودها من عدمه،
والدليل على ذلك أننا لو عكسنا الأمر فلن تجده يستقيم وذلك أن تقول: فرضنا أنها ليست ثابتة للواجب فما حكمها في غيره (وحتى على فرض أنها لا تحدث في غيره كما تقولون)؟
سيكون حكمها أنها مستحيلة، لأن أصلها في الـمُحدِث معدوم، فاستحالتها وعدمها في المعلول أولى، لأن عدم العلة يلزم منه عدم المعلول، لكن الحق أنها ممكنة، فطالما فرضت ممكنة فهي واجبة للواجب.