بسم الله الرحمن الرحيم


سأقوم في موضوعي هذا بالإجابة على بعض التساؤولات التي يطرحها الأشاعرة أو الماتريدية في مسألة العلو


-السؤال الأول-
ماذا تقصدون بقولكم "الله في السماء" وما دليلكم على ذلك ؟

عندما نقول أن الله في السماء فإننا نقصد أن الله فوق كل المخلوقات وكل ما علا فهو سماء والدليل على ذلك هو قوله تعالى:
{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}

قال الإمام ابن جرير الطبري حدثني يعقوب قال ثنا ابن عطية قال أخبرنا أبو رجاء قال: سُئل عكرِمة عن قوله: (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ) قال: سماء البيت. (ثُمَّ لِيَقْطَعْ) قال: يختنق (تفسير الطبري ت شاكر / ج18 ص583)
والإسناد متصل رجاله كلهم ثقات والصواب ابن علية وليس عطية ويروى مثل ذلك عن ابن عباس والضحاك

فالسماء بالنسبة لك وأنت داخل منزلك هو سقف المنزل والعرش هو أعلى السماوات فهو أعلى سماء فعندما نقول "الله في السماء" فإننا نقصد أن الله على العرش وحرف الجر "في" يأتي بمعنى "على"

كقول الله تعالى على لسان فرعون: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}
قال ابن منظور في "لسان العرب": [وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ؛ أَي عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ]
وقال ابن جرير الطبري في "تفسيره": وقوله (وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) يقول: ولأصلبنكم على جذوع النخل

وكقول الشاعر (ربما هو أبو دهبل الجمحي) :ثُمَّ خاصَرْتُها إِلى القُبَّةِ الخَضْراءِ ... تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ مَسْنُونِ
قال ابن منظور في "لسان العرب": [تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ أَي عَلَى مَرْمَر]

وهذا في كلام العرب ورب العرب كثير
{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} أي يتيهون على الأرض
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} أي سيروا على الأرض

ومن أبرز النقولات عن السلف بهذا الخصوص ...

1- قَالَ الْإِمَامُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ أنه قَالَ: كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: «ائْتِنِي بِهَا» فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: «أَيْنَ اللهُ؟» قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «مَنْ أَنَا؟» قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: «أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» (صحيح مسلم / ج1 ص381)

2- قال الإمام أبو داود -صاحب السنن- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ:
«اللَّهُ فِي السَّمَاءِ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا يَخْلُوُ مِنْ عِلْمِهِ مَكَانٌ» (مسائل الإمام أحمد بن حنبل / ص353)
والإسناد متصل رجاله كلهم ثقات

3- قال الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ فَقَالَ: «إِنَّمَا يُحَاوِلُونَ (يعني أن يقولوا) أَنْ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ» (مسند أحمد بن حنبل / ج45 ص566)
والإسناد متصل رجاله كلهم ثقات

4- قال الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ كَيْفَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْرِفَ، رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: «عَلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِهِ، وَلَا نَقُولُ كَمَا تَقُولُ الْجَهْمِيَّةُ إِنَّهُ هَاهُنَا فِي الْأَرْضِ»(السنة / ج1 ص111) والإسناد متصل رجاله كلهم أئمة ثقات

ومن أجمل ما يستدل به على أن الله في السماء قوله تعالى:
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ}

قال الإمام ابن جرير الطبري:
[وقوله: (وَإِنِّي لأظُنُّهُ كَاذِبًا) يقول: وإني لأظنّ موسى كاذباً فيما يقول ويدّعي من أن له في السماء ربا أرسله إلينا.]
(تفسير الطبري ت شاكر / ج21 ص387)

قلت من يكذب بأن الله في السماء فإمامه بذلك هو فرعون الإجابة على بعض التساؤولات في مسألة علو الرحمن Thumbup


-السؤال الثاني-
ما تقولون في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}
[color=#0000FF]
فهذه الآية معناها عندنا أن الله معبود أهل السماء ومعبود أهل الأرض

حَدَّثَ الإِمَامُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعَانِيَّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} قَالَ:
«يُعْبَدُ فِي السَّمَاءِ وَيُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ» (تفسير عبد الرزاق / ج3 ص178) ومعمر بن راشد الأزدي ثقة

قال الإمام البيهقي -وهو أشعري- :


















الموضوعالأصلي : الإجابة على بعض التساؤولات في مسألة علو الرحمن المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب:عبد الكريم