[ملخص للذي يضيق وقته عن قراءة هذه الأسطر! وعود ثلاثة تترتب على مبادرتنا: اذكروا الله يذكركم وادعوه يستجب لكم واشكروه على نعمه يزدكم!]
حين يعطي الإنسان وعداً فإنه قد يفي وقد لا يفي بهذا الوعد! وعدمُ الوفاء يأتي إما من عدم الرغبة في الوفاء، أو من عدم القدرة على الوفاء!
أما المولى الكريم سبحانه فإنه إذا وعد وفى؛ لأنه يريد الوفاء ويقدر عليه سبحانه.
قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (آل عمران:09)، وقال: إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (الرعد:31)، وقال: لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ (الروم:06)، وقال: لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (الزمر:20)
هناك وعودٌ من الله عزّ وجلّ رتّبها على عملِ الإنسان وسعيه، ونحن نذكر هنا أمثلة ثلاثة:
1- ذكرنا الله سبحانه يترتب عليه ذكر الله لنا:
قال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (البقرة:152)
يقول الله تعالى في الحديث القدسي: "من ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملأ خير منه".
قال سعيد بن جبير رحمه الله في تفسير هذه الآية: اذكروني بطاعتي، أذكرْكم بمغفرتي، وفي رواية: برحمتي.
وقال الحسن البصري رحمه الله: إن الله يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذب من كفره.
وقال صاحب الظّلال رحمه الله: يا للتفضل الجليل الودود! الله جل جلاله. يجعل ذكره لهؤلاء العبيد مكافئاً لذكرهم له في عالمهم الصغير.. إن العبيد حين يذكرون ربهم يذكرونه في هذه الأرض الصغيرة.. وهم أصغر من أرضهم الصغيرة! والله حين يذكرهم يذكرهم في هذا الكون الكبير.. وهو الله العلي الكبير.. أي تفضل! وأي كرم! وأي فيض في السماحة والجود!
2- دعاؤنا الله سبحانه يترتب عليه إجابة الله لنا:
قال تعالى: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (البقرة:186)، وقال: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (غافر:60)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "إن الله تعالى ليستحي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيراً فيردهما خائبين".
وقال: "ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الأخرى، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها" قالوا: إذاً نكثر؟ قال: "الله أكثر"
وكان عمر رضي الله عنه يقول: "أنا لا أحمل همّ الإجابة إنما أحمل همّ الدعاء. فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه".
وقال صاحب الظّلال رحمه الله عند كلامه عن آية البقرة هذه: إنها آية عجيبة.. آية تسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة، والود المؤنس، والرضى المطمئن، والثقة واليقين.. ويعيش منها المؤمن في جناب رضيّ، وقربى نديّة، وملاذ أمين وقرار مكين.
3- شكرنا الله سبحانه يترتب عليه زيادة الخير من الله لنا:
قال تعالى: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ (إبراهيم:07)
قال ابن كثير رحمه الله: أمر الله تعالى بشكره، ووعد على شكره بمزيد الخير.
وقال الرازي رحمه الله: من اشتغل بشكر نعم الله زاده الله من نعمه.
وقال السعدي رحمه الله: الشكر هو اعتراف القلب بنعم الله والثناء على الله بها وصرفها في مرضاة الله تعالى.
وقال صاحب الظّلال رحمه الله: إن شكر النعمة دليل على استقامة المقاييس في النفس البشرية. فالخير يُشكر لأن الشكر هو جزاؤه الطبيعي، في الفطرة المستقيمة .. هذه واحدة .. والأخرى أن النفس التي تشكر الله على نعمته، تراقبه في التصرف بهذه النعمة. بلا بطر، وبلا استعلاء على الخلق، وبلا استخدام للنعمة في الأذى والشر والدنس والفساد.
وأخيراً: حين نعلم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدعاء هو العبادة، نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع هذه الثلاثة في دعائه: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، والذي أوصى معاذ بن جبل رضي الله عنه أن يردده ثلاث مرات بعد كل صلاة.
دمتم بكل الخير.
فولفسبورغ – ألمانيا، الأحد 15 ربيع الأول 1434، 27 يناير 2013
| |
الموضوعالأصلي : وعودٌ ربّانيّة (لا يخلف الله وعده) المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب: