إذا لم تستح ... فاصنع ما شئت
إنك لتعجب كثيرا من تصرفات بعض الناس وهم يخلعون جلباب الحياء ويلقونه جانبا فتراهم يفعلون أمورا قد يستنكرها الكثير من الناس , وحتى أبائهم وإخوانهم الكبار , فترى بعض الفتيان يلبسون قمصان عليها رسومات غريبة وسراويل قصيرة تصل إلى أعلى الركب أو إلى منتصف الفخذين ثم تشاهدهم يتجولون في الشوارع وربما في المجمعات والأسواق الكبيرة , بينما كان قريبا الواحد من أبائهم يستحي أن يخرج من بيته بثوب النوم أو يذهب به للمسجد ليؤدي الصلاة بتلك الثياب , مع أنها كاملة في ستر البدن ولكن يخشى أنها ليست لائقة بتلك الأماكن , فكيف بالذي يصفف شعره كعرف الديك ويصبغه بالألوان , أو يلبس بنطالا ضيقا وقد كشف عن جزء من مؤخرته ويتجول بذلك الشكل في الأسواق لا يعبأ بأحد .
ولقد أصبح شعار بعض الشباب ( دع الحياء جانبا وافعل ما تشاء ) وما دروا أن الحياء من الإيمان وأن الصواب هو خلاف ذلك , ففي الحديث عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي ، فاصنع ما شئت " , رواه البخاري , فإذا نزع الحياء من الإنسان فإنه قد شابه البهيمة التي لا تلقي بالا لأحد فتراها تتبول في كل مكان وينزو الذكر منها على الأنثى والناس حولهم وتمشي كاشفة سوءتها لا يعيبها ذلك , وهذه هي حياة البهائم التي لا غرابة فيها وهكذا خلقوا بدون عقول , ولكن ما بال الناس يفعلون في بعض تصرفاتهم فعل الدواب ويلغون عقولهم ولا يلقون للناس بالا ولا يبدوا عليهم مسحة حياء .
كم هو مخجل أن ترى تلك المشاهد تتكرر من أبنائنا في الأسواق والطرقات وهم يشدون على رؤوسهم مناديل كمناديل النساء ويضعون أقراط في أذانهم ويتمايلون في الشوارع تمايل النساء , هل هذا من شيمة الرجال أم هو علامة قوة وفتوة ؟ أم هو فراغ وضياع وقلة حياء ؟ أم هو تقليد أعمى بدون أدراك ؟ ومن الذي دفعهم لفعل ذلك ؟ أسئلة تحتاج للجواب .
إن الحياء هو المحرك للمروءة فمن لا حياء له فلا مروءة عنده , فهل عند من يتبول واقفا في حمامات مكشوفة غربية ’ أو في زوايا الأسواق أو على الطريق يرش ببوله جدران البيوت والناس حوله يمشون , شيء من حياء ؟ الجواب ... كلا , كذلك الذي يقف في مواجهة أبواب الجيران يتلصص على بيوتهم أو يذهب ببصره إلى نوافذ منازلهم يختلس منهم غفلة فإن فعله هذا هو أذية لجاره ويعد من قلة الحياء , ومن يبيع ملابس النساء الخاصة الداخلية في المعارض النسائية ويعرض كل ما هو خاص على النساء بينما نسي أنه رجل يخدش حياء غيره فهذا لا حياء عنده , والتي تقبل أن يكشف عليها طبيب رجل ليتفقد ويتحسس صدرها مع وجود طبيبة امرأة تسد مكان الرجل فهذه المرأة لا حياء عندها , وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الحياء من الإيمان كما في " الصحيحين " عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول : إنك لتستحيي ، كأنه يقول : قد أضر بك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعه فإن الحياء من الإيمان " وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة قال : " الحياء شعبة من الإيمان ". وفي " الصحيحين " عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الحياء لا يأتي إلا بخير وفي رواية لمسلم قال : " الحياء خير كله " ، أو قال : " الحياء كله خير."
إن الذي يحجز المؤمن عن كل تصرف مخل بالأدب أو عن ما يخدش حيائه هو الأيمان بالله والذي يحجزه عن عمل غير لائق تعيبه الناس هو حيائه الذي ينبعث من إيمانه , فمن كانت تستحي أن تحادث الرجال الأجانب حتى وإن كانت محتشمة فذلك هو خلق الحياء , فكيف بمن تقوم بعمل مقابلات صحفية على الهواء المباشر مع الرجال وهي بكامل زينتها فتلك قد فسخت حيائها وضاع إيمانها , فالحياء يبعدك عن مواطن الشبه ويحفظك من الخلل , فالحياء دثار المؤمن عن المعايب ومن استهان بنفسه سقط ماء وجهه , فترى المجاهر يتفاخر بكل قبيح ولا يستحي أن يطلع عليه الناس بل ويتجرأ على كشف ما هو مستور من بدنه ولا يبالي ويفعل ما تزدريه الأنفس الكريمة ولا يرى في ذلك بأس , ولا أعلم كيف يكون الحكم المناسب على المرأة التي تكشف عن نحرها وتفرد شعرها وتكشف عن ساقيها ثم تتمكيج وتتعطر وتلبس ملابس ضيقة لتفتن الناس في الأسواق إلا أن تكون قد فارقت الإيمان وصارت محادة لله محاربة للفضيلة ناشرة للرذيلة , فهل عند هذه المرأة ذرة حياء أو إيمان , بل لم تتجرأ على فعل هذا إلا بعد أن نزع منها الحياء ثم تبعه الإيمان , أسئل الله أن يحفظ علينا وعلى كل مسلم حيائه وأن يجنبنا الاغترار بما يفعله السفهاء من الناس ... والحمد لله رب العالمين .
| |
الموضوعالأصلي : إذا لم تستح ... فاصنع ما شئت المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب: