السلام عليكم ورحمة الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين
وحديثنا يدور في هذا الموضوع على أحوال المؤمنين بين الخوف
والرجاء
قال تعالى :"نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم "
وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى :"لا أجمع على عبدي أمنين ولا أجمع له خوفين إن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة "
ولنتبدر آيات الله في هذا قال تعالى :
"فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون "
وقال تعالى "إنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون "
وقال تعالى :"إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم "
والآيات في هذا المعنى كثيرة فيجتمع الخوف والرجاء في آيتين مقترنتين
أو في آية واحدة
الله عزوجل واسع الرحمة عظيم المغفرة حليم ستار عفو لم يوئس عباده
من رحمته وعفوه وقد فتح باب الرجاء على مصراعيه لكل مقبل
تائب من ذنبه ولنتدبر قوله تعالى :
"قل لعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"
فقد روى أن السبب في نزول هذه الآيه أن قوما قالوا يا رسول الله
يغفر لنا ربنا إن أسلمنا على ما كان منا من الكفر والقتل وغيره ؟
فنزلت هذه الآيه
ويقول ثوبان رضي الله عنه لما نزلت قال صلى الله عليه وسلم :
"ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآيه "
ومعناها أن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب
ويقول سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في شأنها هي أرجى آيه
في القرآن
نعم إن الله عفو غفور تواب يقبل التوبة ويغفر الذنب ويبسط يده بالنهار
ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار فضلا منه
سبحانه وتعالى ..وهو سبحانه تعالى سريع العقاب وعذابه هو
العذاب الأليم ومنتقم وجبار يجازي بالعدل فلا ينبغي للعاقل أن يغفل طرفة
عين مراقبته والخوف منه ويبغي للعاقل ان يستحضر عظمة الله دائما
ويخشاه في السر والعلن فعلمه محيط وغضبه شديد يملأ قلوب الخائفين
من غضبه أمنا ويعوض النادمين الآسفين على ما كان منهم بمحو
السيئات وغفران الذنوب وقبول التوبة
واعلم أخي في الله أن الرجاء هو حسن الظن بالله تعالى في قبول طاعة
وفقت لها أو في غفران سيئة تبت منها
واعلم أنه لا بد لك أن تكون مع الرجاء خائفا من الله تعالى الى أن تموت
حتى تظل مشمرا عن ساعد الجد في طاعته سبحانه وتعالى
فقد ورد في الحديث الشريف "من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنازل الا
إن سلعة الله غاليه ألا ان سلعة الله الجنة "
وكان الحبيب صلى الله عليه وسلم أشد الناس خوفا من نزول نقمة الله
على العباد وتروي أم المؤمنين عائشة وتقول :كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم اذا رأى غيما عرف في وجهه فقلت يا رسول الله الناس اذا
رأو الغيم فرحو رجاءا ان يكون منه المطر وأراك اذا رأيت فيوجهك غيما
عرف في وجهك الكراهيه فقال صلى الله عليه وسلم :"يا عائشة ما
يؤمنني ان يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب
فقالوا هذا عارض ممطرنا "
واعلم أخي في الله أن العبد كلما ازداد علما بالله ازداد خوفا من الله
قال تعلى :"إنما يخشى الله من عباده العلماء "
وهذ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو الذي أعز الله به الاسلام
تحقيقا لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم دائم البكاء لدرجة أنك كنت
ترى على وجهه خطين أسودين من كثرة انحدار الدموع وكنت تشم من
فمه رائحة الكبد المشوي من شدة الخوف من الله سبحانه وتعالى
وقيل لسفيان الثوري وقد كان كثير البكاء والجزع يا أبا عبد الله عليك
بالرجاء فإن عفو الله أعظم من ذنوبك فقال :أو على ذنوبي أبكي لو
علمت أني أموت على التوحيد لم أبالي بمثل الجبال من الخطايا
وقال سفيان الثوري :رأيت رجلاً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول :
اللهم سلم سلم فقلت : يا أخي ما قضيتك ؟فقال :كنا أربعة أخوة مسلمين
فتوفى منا ثلاثة كل واحد يفتن عند موته ولم يبق الا انا
فما أدري بم يختم لي
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن البي صلى الله عليه وسلم قال :
"حسن الظن من حسن العبادة " رواه ابو داود وابن حبان في صحيحه
واياك أخي في الله ان تكون من هؤلاء الذين عناهم الرسول صلى الله
عليه وسلم في قوله :
"ليس الايمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل وإن قوما
الهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا :
نحن نحسن الظن بالله تعالى وكذبوا لو أحسنو الظن لأحسنو العمل "
وتسطيع بعد وقوفك على كل هذا واقتناعك به وحرصك على تحقيقه
وفهمه ان تقول مع القائل :
يا رب ان عظمت ذنوبي كثرة .....فلقد علمت بأن عفوك أعظم
ان كان لا يرجوك الا محسن ....فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
أدعوك رب كما أمرت تضرعا ....فلئن رددت يدي فمن ذا يرحم
مالي وسيلة الا الرجا .....وجميل عفوك ثم اني مسلم
| |
الموضوعالأصلي : المسلم بين الخوف والرجاء المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب: