عوالم وأســــرار
/
هذا الحاضر المشهود .. وهذا الغيب المكنون .. أن الوجود أضخم بكثير مما تتخيله أذهاننا , ومايبصره البشر هى
أطراف قليلة ليس ألا ... والأرض كلها ليست ألا هباء لا تكاد ترى أو تحس في ذلك الكون الكبير ... هناك
ماوراء مد البصر ووراء الحدود والأدراك جوانب وعوالم وأسرار .
فعينه ومداركه محدودة ... أن الذين يحصرون أنفسهم في حدود ماترى العين ويدرك الوعى بأدواته الميسرة له
........ مساكين!! ... سجناء أدراكهم المحدود ... محصورون في عالم ضيق ... صغير حين يقاس إلى ذلك الملك
الكبير الذي يحتوى على عوالم وأسرار .
وفى فترات على مدار التاريخ , كان هناك ومازال من يغلقون على أنفسهم نوافذ المعرفة والنور .. عن طريق
الأيمان والشعور .. تارة بأسم الجاهلية , وتارة بأسم العلمانية .
فما يسجن الأنسان نفسه وراء قضبان المادة الموهومة ألا وقد قدر عليه الضيق !!
# وهاهو عالم مثل الكسيس كاريل .. الطبيب المتخصص في بحوث الخلية ونقل الدم , والمشتغل بالطب علما
وجراحة وأشرافا على معاهد العلاج والنظريات العلاجية , وصاحب جائزة نوبل عام 1912 , ومدير معهد
الدراسات الأنسانية بفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية يرى :
<< أن الكون على رحبه مملؤ بعقول فعالة غير عقولنا , وأن العقل الأنسانى هاد قاصد بين دروب التيه التى
حوله أذا كان معوله كله على هدايته , وأن الصلاة من وسائل الأتصال بالعقل الأبدى المسيطر على مقادير
الأكوان قاطبة , فيما هو ظاهر لنا ومحتجب عنا في طى الخفاء )
( وأن الشعور بالقداسة مع غيره من قوى النشاط الروحانى له شأن خاص في الحياة , لأنه يقيمنا على أتصال
بآفاق الخفاء الهائل من عالم الروح ) << عن كتاب عقائد المفكرين في القرن العشرين .
# وهاهو طبيب آخر مثل ( دى نوى ) الذي أشتغل بمباحث التشريح والعلم الطبيعى , وعمل مع الأستاذ كورى وقرينته يقول :
<< كثير من الاذكياء وذوى النية الحسنة يتخيلون أنهم لا يستطيعون الأيمان بالله لأنهم لا يستطيعون أن يدركوه ..
على الأنسان الأمين الذي تنطوى نفسه على الشوق العلمى , لا يلزمه أن يتصور الله , ألا كما يلزم العالم الطبيعى
أن يتصور الكهرب .. فأن التصور في كلتا الحالتين ناقص وباطل , وليس الكهرب قابلا للتصور في كيان
المادى , وأنه مع ذلك لأثبت في آثاره من قطعة الخشب <<
# ورأينا عالما طبيعيا مثل / سير آرثر طومسون .. المؤلف الأسكتلندى يقول :
<< أننا في زمن شفت فيه الأرض الصلبة , وفقد فيه الأثير كيان المادى , فو أقل الأزمنة سلاحا للغلو في
التأويلات المادية <<
ويقول في مجموعة ( العلم والدين ) :
<< ليس للعقل المتدين أن يأسف اليوم لأن العالم الطبيعى لا يخلص من الطبيعة إلى رب الطبيعة ... أذ ليست
هذه وجهته وقد تكون النتيجة أكبر جدا من المقدمة اذا خرج العلماء الطبيعيين قد يسروا للنزعة الدينية أن تتنفس
في جو العلم , حيث لم يكن ذلك يسيرا في ايام آبائنا وأجدادنا ... فأذا لم يكن عمل الطبيعيين أن يبحثوا في الله ــ
كما زعم مستر لانجدون دافيز خطأ في كتابه البديع عن الأنسان وعالمه ــ فنحن نقررعن روية أن أعظم خدمة
قام بها العلم , أنه قاد الأنسان ألى فكرة عن الله أنبل وأسمى , ولا تتجاوز المعنى الحرفى حين نقول : أن العلم
أنشأ للأنسان سماء جديدة وأرضا جديدة , وحفزه من ثم إلى غاية جهده العقلى , فأذا به , في كثير من الأحيان ,
لا يجد السلام ألا حيث يتخطى مدى الفهم , وذلك في اليقين والأطمئنان إلى الله <<
# وهاهو آخر / يقول العالم ( أ . كريسى موريسون ) في كتابه ( الأنسان لا يقوم وحده :
<< أننا نقترب فعلا من عالم المجهول الشاسع , أذ ندرك أن المادة كلها قد أصبحت من الوجهه العلمية مجرد
مظهر لوحدة عالمية , هى في جوهرها كهربائية , ولكن مما لا ريب فيه أن المصادفة لم يكن لها دخل في تكوين
الكون , لأن هذا العالم العظيم خاضع للقانون <<
<< أن أرتقاء الأنسانى إلى درجة كائن مفكر شاعر بوجوده , ماهو خطوة أعظم من أن تتم عن طريق
التطور المادى , ودون قصد أبتداعى <<
<< وأذا قبلت واقعية القصد , فان الأنسان بوصفه هذا قد يكون جهازا .. ولكن مالذى يدير هذا الجهاز ؟ لأنه
بدون أن يدار لا فائده منه , والعلم لا يعلل من يتولى أدارته , وكذلك لا يزعم أنه مادى <<
<< لقد بلغنا من التقدم درجة تكفى لأن نوقن بأن الله قد منح الأنسان قبسا من نوره <<
# وهكذا بدأ العلم يخرج من سجن المادية وجدرانها بوسائله الذاتية , فيتصل بما يشير اليه القرآن الكريم .
فلا نكن في تخلف عقلى عن العلم , ولا تخلف روحى عن الدين , ولا تخلف أنسانى عما يليق بهذا الكائن
الأنسانى .
| |
الموضوعالأصلي : عوالم وأسرار/ المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب: