سعد بــن عبـــادة _ رضـــي اللّــــه عنـــه
أبو قيس الأنصاري الخزرجي الساعدي ، أحد النقباء ، سيد الخزرج ، كان سيداً جواداً ..
(المسند 15798)(ابن حبان 6972) لمّا بايع الأنصار رسول الله في بيعة العقبة الثانية كما رواها كعب بن مالك ، فكان نقيب بني ساعدة (خ 3807) عن أبي أسيد قال رسول الله : خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث ابن الخزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير فقال سعد بن عبادة وكان قدم في الإسلام أرى رسول الله قد فضل علينا فقيل قد فضلكم على ناسٍ كثير .
(المسند 2167)(م 4635)(ت 2702)(ابن حبان 6581)(خ 2987) عن أسامة بن زيد أن النبي ركب حماراً وأردف وراءه أسامة وهو يعود سعد بن عبادة من الخزرج وذلك قبل وقعة بدر حتى مرّ بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود فيهم عبد الله بن سلول قبل أن يسلم وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمّر عبد الله بن سلول أنفه بردائه ثم قال : لا تغبروا علينا، فسلم عليهم رسول الله ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال له ابن سلول : أيها المرء لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقاً فلا تؤذينا في مجالسنا وارجع إلى رحلك فمن جاءك منّا فاقصص عليه ، قال عبد الله بن رواحة : اغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك ، قال : فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى همّوا أن يتواثبوا فلم يزل النبي يخفضهم ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة فقال : أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب (أبو سلول ) قال كذا وكذا ، فقال :اعف عنه يا رسول الله واصفح فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة فلما ردّ الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شرف بذلك فذاك فعل به ما رأيت فعفا عنه النبي " (البحيرة:يقصد المدينة ، هذا قبل دخوله الإسلام وزعامته للمنافقين ).
من فقه الحديث ..
¯ يشير إلى ماكان يتحلّى به النبي من الحلم والصفح والصبر على الأذى في الله .
¯ دوام الدعوة إلى الله وتأليف قلوب الناس .
¯ فيه عيادة المريض .
(خ 4566) يقول أسامة وكان النبي وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصطبرون على الأذى ، قال تعالى : " ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً"(سورة آل عمران 186) ، وقال سبحانه : " ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم " وكان النبي يتأول العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم فلما غزا رسول الله بدراً فقتل به صناديد كفّار قريش قال ابن سلول ومن معه من المشركين هذا أمر قد توجّه فبايعوا رسول الله على الإسلام فأسلموا .
(م 4597)(ابن حبان 4702)(المسند 13703) عن أنس أن رسول الله شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان يوم بدر قال : فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ثم تكلم عمر فأعرض عنه فقام سعد بن عبادة فقال : إيانا تريد يا رسول الله ! والذي نفسي بيده ! لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناه ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا ، قال : فندب رسول الله الناس فانطلقوا " .
غيرة سعد بن عبادة .. ..
(م 3740)(د 4532)(جه 2605) قال سعد بن عبادة الأنصاري : يا رسول الله أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلاً يقتله ؟ قال رسول الله : لا ، قال سعد : بلى والذي أكرمك بالحق ، فقال رسول الله : اسمعوا إلى ما يقول سيدكم "
ليس قول سعد هو رداً لقول رسول الله ولا مخالفة لأمره وإنما معناه الإخبار عن حالة الإنسان عند رؤية الرجل عند امرأته واستيلاء الغضب عليه عندها يعاجله بالسيف والسيد هو الحليم حسن الخلق ومعناه تعجبوا من قول سيدكم .
(م 3742)(ابن حبان 4268)(د 4533) عن أبي هريرة قال : أن سعد بن عبادة قال لرسول الله : يا رسول الله ! أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء ؟ قال رسول الله : نعم .
(م 3742) عن أبي هريرة قال : قال سعد بن عبادة : يا رسول الله ! لو وجدت مع امرأتي رجلاً لم أمسّه حتىّ آتي بأربعة شهداء ؟ قال رسول الله : نعم ، قال : كلا والذي بعثك بالحق ! إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك ، قال رسول الله : اسمعوا إلى ما يقول سيدكم ، إنه لغيور وأنا أغير منه والله أغير مني " ..
(المسند 2131)(د 2256)عن ابن عباس قال:لمّا نزلت:" وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"(النور4)
قال سعد بن عبادة وهوسيد الأنصار أهكذا أنزلت يا رسول الله ؟ فقال رسول الله : يا معشر الأنصار ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم ؟ قالوا :يا رسول الله لا تلمه فإنه رجلٌ غيور والله ما تزوج امرأة قط بكراً وما طلّق امرأة له قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته ، فقال : سعد والله يا رسول الله إني لأعلم أنها حق وأنها من الله ولكن تعجبت أني لو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء فوالله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته ، فنزلت آية الملاعنة بين الزوجين ولا يطالب الزوج باحضار أربعة شهداء إذا اتهم زوجته بالزنا بينما إذا رمى مسلم مسلماً آخر بالزنا فعليه احضار أربعة شهداء وإلا جلد (صدر سورة النور) .
(م 3743)(خ 7416)(الإحسان 5743) عن المغيرة بن شعبة قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح عنه فبلغ ذلك رسول الله فقال : أتعجبون من غيرة سعد ؟ فوالله لأنا أغير منه والله أغير مني " ، من أجل غيرة الله حرّم الله الفواحش ماظهر منها وما بطن ولا شخص أغير من الله ولا شخص أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين ولا شخص أحب إليه المدحة من الله من أجل ذلك وعد الله الجنة .

باب البكاء عند المريض وعلى الميت كما بوّب البخاري ومسلم .. ..
(خ 1304)(م 2134) عن عبد الله بن عمر قال : اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه رسول الله يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود فلما دخل عليه وجده في غشية فقال : أقد قضى ؟ قالوا : لا يا رسول الله فبكى رسول الله فلما رأى القوم بكاء رسول الله بكوا فقال :ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم .
$ فيه استحباب زيارة المريض .
$ وعيادة الفاضل والمفضول وعيادة الإمام والقاضي والعالم .
$ وفيه النهي عن المنكر وبيان الوعيد عليه .
(خ 2756) عن ابن عباس قال إن سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب عنها فقال : يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها أينفعها شيء إن تصدقت به عنها ؟ قال : نعم ، قال : فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها " (المخراف : التمر ، الحائط : البستان ) .
(خ 2761) عن ابن عباس أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله فقال :إن أمي ماتت وعليها نذر فقال: اقضه عنها .
(المسند 22458)(جه 3684)(ابن حبان 3642)(د 1681) عن سعد بن عبادة أن أمه توفيت فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها ؟ قال : نعم ، قال : فأي الصدقة أفضل ؟ قال : سقيُ الماء ، قال الحسن البصري فتلك سقاية سعد بن عبادة .
(خ 2762) عن سعد بن عبادة توفيت أمّه وهو غائب فأتى النبي فقال : يا رسول الله إن أمّي توفيت وأنا غائب ..الحديث "
من فقه الحديث .. ..
% أن الصدقة تصل من الولد إلى والديه .
% من برهما بعد موتهما التصدّق عنهما .
% أن أفضل الصدقة حسب حاجة الناس .
% أنه يجوز قضاء النذر عن الوالد المتوفى إذا لم يقضه في حياته .
%وفيه الجهاد في حياة الأم ومحمول على استئذانها لأنه كان غائباً لما توفيت بالجهاد مع رسول الله .
% فيه المسارعة في عمل الخير إلى بر الوالدين .
% فيه جواز إظهار الصدقة وقد يكون خيراً من إخفائها ليسنّ سنّة حسنة .
% فيه اغتنام صدق النيّة .


موقفه من حادثة الإفك وهذا من آثارها السيئة على المسلمين .. ..
(خ 4141)(م 6951) عن عائشة تحدّث عن حادثة الإفك : فقام رسول الله على المنبر فقال :يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلاّ خيراً ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً وما كان يدخل على أهلي إلا معي .
فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا فعلنا أمرك .
قالت عائشة :فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلاً صالحاً ولكن اجتهلته الحمية فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله ، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن منافقين ،فثار الحيّان من الأوس والخزرج حتى همّوا أن يقتتلوا ورسول الله على المنبر فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكت .
(اجتهلته : أخذته وأغضبته وحملته على الجهل) .
% فيه المبادرة إلى قطع الفتن والمنازعات وتسكين الغضب
% لم يُرد أسيد بن حضير وصف سعد بن عبادة بالنفاق الحقيقي .
(المسند 12406)(د 3854)(الأدب المفرد 1073)(آداب الزمان 169) عن أنس أن رسول الله استأذن على سعد بن عبادة فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فقال سعد : وعليك السلام ورحمة الله ولم يسمع النبي حتى سلّم ثلاثاً وردّ عليه سعد ثلاثاً ولم يسمعوه فرجع النبي واتبعه سعد فقال : يا رسول الله بأبي وأمي ما سلمّت تسليمة إلا وهي بأذني ولقد رددت عليك ولم أسمعك أحببت أن أستكثر من سلامك ومن البركة ثم أدخله البيت فقرّب له زبيباً ، وفي رواية أبي داود قرّب إليه خبز وزيت فلما فرغ قال :أكل طعامكم الأبرار وصلّت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون .
لمّا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قسّم الجيش إلى كتائب وعيّن سعد بن عبادة على كتيبة الأنصار .
(خ 4280) عن هشام عن عروة عن نافع بن جبير بن مطعم عن العباس بن عبد المطلب والزبير بن العوّام فقالا : لمّا سار رسول الله عام الفتح فبلغ ذلك قريشاً خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبُديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مرّ الظهران فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة فقال أبو سفيان ما هذه لكأنها نيران عرفة فقال بديل بن ورقاء نيران بني عمرو فقال أبو سفيان عمرو لأقل من ذلك فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم أبو سفيان فلمّا سار قال للعباس :" احبس أبا سفيان عند حطم الخيل حتى ينظر إلى المسلمين " فحبسه العبّاس فجعلت القبائل تمر على النبي صلى الله عليه وسلم تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان فمرّت كتيبة قال يا عبّاس من هذه قال غفار قال ما لي ولغفار ثم مرّت جهينة قال مثل ذلك ثم مرّت سعد بن هذيم فقال مثل ذلك ،ومرّت سُليم فقال مثل ذلك ، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها قال : من هذه ؟ قال هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية فقال سعد بن عبادة : يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة ، اليوم تُسْتحل الكعبة فقال أبو سفيان : يا عبّاس ، حبذا يوم الذمار ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب فيهم رسول الله وأصحابه وراية النبي مع الزبير فلمّا مرّ رسول الله بأبي سفيان قال : ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة ؟ قال : ماقال ؟ قال كذا وكذا فقال كذب سعد (أي أخطأ) ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة …
مُراد سعد يوم الملحمة أي يوم المقتلة العظمى ومُراده يوم الذِمار أي الهلاك فتمنى أبو سفيان أن يكون له يد فيحمي قومه ويدفع عنهم ، وما قاله سعد اليوم تستحل الحرمة أي اليوم أذل الله قريشاً .
وكما جاء في الفتح شرح الحديث أن رسول الله أخذ الراية من سعد بن عبادة وأعطاها ابنه قيس حتى لا يؤذي سعداً ولا يمكنه من تنفيذ ما أراد .
أحاديث ضعيفة :
(س ض 4247) عن عمر بن حزم رفعه : كان النبي إذا خطب المرأة قال :" اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة " هذا خبر مرسل واهٍ جداً وعمرو بن حزم وهو الواقدي الكذّاب .
_ المصطلحـــات :
(س ص ): السلسلة الصحيحة للألباني . ( س ض ): السلسلة الضعيفة للألباني .
(د) : سنن أبي داود .( ت ) : سنن الترمذي .(جه ) : سنن ابن ماجه.(ن) : سنن النسائي .
(خ) : صحيح البخاري . ( م) : صحيح مسلم . (ابن حبان) : موارد الظمآن لابن حبان .
(تر) :صحيح الترغيب للمنذري بتحقيق الألباني (المسند ): مسند الإمام أحمد بتحقيق شعيب الأرناؤوط

الموضوعالأصلي : سعد بــن عبـــادة _ رضـــي اللّــــه عنـــه المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب:عبد الكريم